Logo
0
اغلق
فترة الموت وألم الفقد عند الأطفال
كيف ينبغي لنا أن نتعامل مع الأطفال الذين فقدوا أحد والديهم؟ كيف ينبغي لنا أن نشرح لهم حقيقة الموت؟ كيف ينبغي لنا أن نتعامل مع الأطفال خلال فترة حزنهم؟ إجابات لمثل هذه الأسئلة في مقالتنا هذا الشهر.
13.02.2025

61809516288.jpegالموت حقيقة لا مفر منها في الحياة، وغالبا ما يُنظر إليها على أنها موضوع صعب الحديث عنها. ومع ذلك، فإن تقبُّلَ حقيقةِ أنها جزء من الحياة يمكن أن يجعل التعامل معها أسهل. بغض النظر عن كيفية إدراك حقيقة الموت، فإن فقدان أحد الأحباء قد ينطوي على مستويات مختلفة من الصعوبات العاطفية لكل فرد. من الطبيعي أن يُظهر الشخص بعد فقدان أحدهم لردود أفعال عاطفية وجسدية وسلوكية واجتماعية مختلفة، وعلى رأسها الحزن. وتسمى هذه الفترة بفترة ألم الفقد.

وبالرغم من أن الموت ظاهرة عامة، إلا أن فترة ألم الفقد تختلف من شخص لآخر. عندما يتعلق الأمر بالأطفال، قد يتجنب الكبار في كثير من الأحيان الحديث عن الموت في محاولة لحمايتهم. ومع ذلك، بدلاً من تجاهل مثل هذا الموضوع الذي يهم الأطفال بشكل مباشر، سيكون من الأفضل شرحه بطريقة تتناسب مع أعمارهم ومستوى إدراكهم. ولكي نحدد كيفية ايصال مفهوم الموت للأطفال وكيفية دعمهم في فترة الحزن، فمن الضروري أولاً معرفة ردود الفعل الطبيعية لألم الفقد والخصائص التنموية للأطفال.

فترة ألم الفقد وردود الأفعال عند الأطفال

في فترة ألم الفقد يمكن ملاحظة ردود الأفعال التالية لدى الأطفال:

  1. ردود الأفعال الجسدية: أعراض نفسية جسدية مثل مشاكل النوم وفقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام، والصداع وآلام المعدة.
  2. ردود الأفعال العاطفية: مشاعر مثل الغضب والحزن والشعور بالذنب والقلق والخوف والندم.
  3. ردود الأفعال الإدراكية : تشتيت الانتباه، وانخفاض الأداء الأكاديمي، وصعوبة فهم الأحداث.
  4. ردود الأفعال السلوكية : مص الإبهام، التبول اللاإرادي، الانطواء، فرط النشاط أو العدوان.
  5. ردود الأفعال الاجتماعية: التغير في العلاقات مع أفراد الأسرة، والتهرب من العلاقات الاجتماعية، أو على العكس من ذلك، التعلق المفرط.

 ردود الأفعال هذه خلال فترة الحزن طبيعية ، وقد تختلف حسب عمر الطفل وشخصيته وتجربة الفقد التي عاينها . وينبغي دعم الأطفال في هذا السياق بعد فقدهم لأحبائهم.

 فترة إدراك مفهوم الموت عند الأطفال

يختلف مستوى إدراك الأطفال لمفهوم الموت حسب أعمارهم ومستوى تطورهم الإدراكي:

. 0-2 سنة : لا يدركون مفهوم الموت، ولكنهم يشعرون بغياب الشخص المقرب منهم.

قد يلاحظون تغييرات في روتينهم ويصبحون مضطربين.

. 2-5 سنة: لا يستطيعون استيعاب المفاهيم المجردة بشكل كامل وقد يعتقدون أن الموت حالة مؤقتة. فقط يستطيعون إدراك معنى الفقد بالشرح المفهوم الواضح.

. 6- 11 سنة: لإدراكهم مفهوم الزمن بشكل أفضل، يبدؤون في إدراك أن الموت حالة لا رجعة بعدها.

. 12 سنة ومافوقها: يمكنهم أن يدركوا أن الموت حقيقة تشمل كل الكائنات الحية، وهو جزء طبيعي من الحياة.

شرح مفهوم الموت للأطفال

يمكن إيضاح مفهوم الموت للأطفال قبل أن يمروا بتجربة فقدان أحد أحبائهم. وهذا من شأنه أن يساعدهم في إدراك مفهوم الموت بشكل أكثر صحة. على سبيل المثال، يمكن إيضاح هذا المفهوم من خلال التغيرات في الطبيعة (تغير الفصول، ذبول زهرة أو موت حيوان) اعتمادًا على مستوى الإدراك لديهم ، قد يُنظَرُ في الذهاب مع الأطفال لعزاء الأقارب ذوي الصلة البعيدة .

ينبغي أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار عند إخبار الطفل الذي فقد أحد أقاربه:

  1. يجب أن يكون الشخص الذي ينقل الخبر شخصًا بالغًا يثق به الطفل. من الأفضل أن يقوم أحد الوالدين، أو إذا لم يكن ذلك ممكنًا، أحد أفراد العائلة المقربين جدًا، بإجراء هذه المحادثة.
  2. ينبغي أن يُشعِر الطفلَ بالأمان. ينبغي على الشخص الذي ينقل الخبر أن يدعم الطفل عاطفياً من خلال الاتصال الجسدي (مثل العناق، وإمساك يديه).
  3. ينبغي تعريف مفهوم الموت بمصطلحات ملموسة حسية. ويجب سؤال الطفل عما يعرفه عن مفهوم الموت أولاً. ثم تصحيح معلوماته الخاطئة ، كما ينبغي استخدام تعبيرات واضحة "الموت يعني نهاية حياة الإنسان. الشخص الميت لا يتنفس، أو يتحرك، أو يفكر، أو يشعر."
  4. ينبغي تجنب التعبيرات الغامضة والمربكة. ويمكن استخدام الاستعارات مثل "نام"، "ذهب إلى الجنة"، "أصبح ملاكاً"، "ذهب في رحلة أخرى" أن تسبب ارتباكًا للطفل. وبدلًا من ذلك ينبغي استخدام تفسير واضح وصريح مثل "جدك مات، ولم يعد على قيد الحياة".

دعم الأطفال خلال فترة ألم الفقد

أهم شيء بالنسبة للأطفال الذين فقدوا أحد أحبائهم هو توفير بيئة تسمح بالتعبير عن مشاعرهم. ينبغي أن نحاول الإيضاح للأطفال أنه من الطبيعي أن يشعروا بالحزن والبكاء والتعبير عن أحاسيسهم .

يجب توفير الشعور بالأمن. ينبغي طمأنة الطفل بأن رعايته المستقبلية ستستمر. إذ يمكن استخدام جمل مُطَمئِنة مثل "سأكون بجانبك دائمًا."

ينبغي الاستماع إلى أسئلتهم بعناية وعدم تجاهلها. ينبغي الرد على أسئلة الأطفال حول الموت بإجابات دقيقة وواضحة تتناسب مع أعمارهم . والأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها أو التي تمت الإجابة عنها بشكل خاطئ قد تسبب زيادة قلقهم.

ينبغي أن يُتركَ أمر زيارة المقبرة لرغبة الطفل. إذا رغب الطفل، يمكن لشخص بالغ أن يساعده بالمرافقه إلى المقبرة لوداع الفقيد. قد يكون من المفيد وفق معتقدات وقيم العائلة الدعاء، أو عمل نصب تذكاري رمزي .

ينبغي على الآباء أن يكونوا قدوة في مشاركة مشاعرهم. إذ أن إشراك الأطفال في فترة الحزن يشجعهم على التعبير عن مشاعرهم. ومع ذلك، فمن المهم على الوالدين عدم المبالغة في ردة فعلهم.

ينبغي العودة إلى الروتين اليومي في أقرب وقت ممكن. إذ أن الروتين اليومي مثل فطور الصباح واللعب والذهاب للمدرسة يمنح الأطفال شعوراً بالأمان ويجعل  تجاوز هذا الفقدعليهم سهلاً.  

وجب إيضاح معنى الموت وألم الفقد بشكل صحيح للأطفال،ويمكن تحقيق ذلك من خلال إعطاء المعلومات الصحيحة والدعم العاطفي لهم.